الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
مِنْ السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ أَمْرِهَا بِالْحِجَازِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ تُسْقَى بِهِ نَضْحًا مِنْ الْآبَارِ فَتَكْثُرُ مَشَقَّتُهُ، وَشَرْعًا (دَفْعُ شَجَرٍ مَغْرُوسٍ مَعْلُومٍ) لِلْمَالِكِ وَالْعَامِلِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ. فَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ كَالْبَيْعِ (لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّجَرِ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ ثَمَرُهُ) النَّامِي بِعَمَلِهِ وَسَوَاءٌ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَالرُّمَّانُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالزَّيْتُونُ وَغَيْرُهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ {عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حَاجَتَيْ رَبِّ الشَّجَرِ وَالْعَامِلِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ {كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ} فَمَحْمُولٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَسَّرَهَا رَافِعٌ وَهُوَ مُضْطَرِبٌ أَيْضًا. قَالَ أَحْمَدُ: رَافِعٌ يُرْوَى عَنْهُ فِي هَذَا ضُرُوبٌ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُوهِنُ حَدِيثَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ وَمَقَاثِي وَمَا لَا سَاقَ لَهُ وَلَا عَلَى مَا لَا ثَمَرَ لَهُ مَأْكُولٌ كَسَرْوٍ وَصَفْصَافٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ زَهْرٌ مَقْصُودٌ كَنَرْجِسِ وَيَاسَمِينٍ وَلَا إنْ جَعَلَ لِلْعَامِلِ كُلَّ الثَّمَرَةِ وَلَا جُزْءًا مُبْهَمًا كَسَهْمٍ وَنَصِيبٍ وَلَا آصُعًا وَلَوْ مَعْلُومَةً أَوْ دَرَاهِمَ وَلَا ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ أَجْنَاسٌ وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا كَنِصْفِ الْبَلَحِ وَثُلُثِ الْعِنَبِ وَرُبُعِ الرُّمَّانِ وَهَكَذَا جَازَ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالنِّصْفِ وَالْآخَرُ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ سِنِينَ، السَّنَةُ الْأُولَى بِالنِّصْفِ وَالثَّانِيَةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثَةُ بِالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. جَازَ وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْبَعْلِ مِنْ الشَّجَرِ كَاَلَّذِي يَحْتَاجُ لِلسَّقْيِ. (وَالْمُنَاصَبَةُ. ) هِيَ (الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ) أَيْ: الشَّجَرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ (بِلَا غَرْسٍ مَعَ أَرْضٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ) فِيهَا (وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الشَّجَرِ عَيْنِهِ (أَوْ مِنْ ثَمَرِهِ أَوْ مِنْهُمَا) أَيْ: الشَّجَرِ وَثَمَرِهِ نَصًّا وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ خَيْبَرَ؛ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ وَعِوَضَهُ مَعْلُومَانِ فَصَحَّتْ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى شَجَرٍ مَغْرُوسٍ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَاظِرٍ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغِرَاسُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَسَدَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَكْلِيفِ رَبِّ الْغِرَاسِ أَخْذَهُ، وَيَضْمَنُ لَهُ نَقْصَهُ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ جَازَ وَإِنْ دَفَعَ أَرْضًا وَشَجَرًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ جُزْءًا مِنْ الشَّجَرِ. (وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ. أَوْ) دَفْعُ (مَزْرُوعٍ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ) الْمَدْفُوعُ لَهُ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصَّلِ) وَتُسَمَّى مُخَابَرَةً مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ وَمُوَاكَرَةً وَالْعَامِلُ فِيهَا خَبِيرٌ وَأَكَارَ وَمَوَاكِرَ، وَيَشْهَدُ لِجَوَازِهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بَلْ الْحَاجَةُ إلَى الزَّرْعِ آكَدُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا وَحَدِيثُ رَافِعٍ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُخَابَرَةِ يُعَارِضُهُ حَدِيثُهُ فِي خَيْبَرَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَهْمَا أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِاسْتِحَالَةِ نَسْخِ قِصَّةِ خَيْبَرَ لِاسْتِمْرَارِ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ بِهَا. (وَيُعْتَبَرُ) لِمُسَاقَاةٍ وَمُنَاصَبَةٍ وَمُزَارَعَةٍ (كَوْنُ عَاقِدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نَافِذَ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا رَشِيدًا؛ لِأَنَّهَا عُقُودُ مُعَارَضَةٍ أَشْبَهَتْ الْبَيْعَ. (وَتَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِهَا) كَسَاقَيْتُكَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ وَنَحْوِهِ (وَ) تَصِحُّ بِلَفْظِ (مُعَامَلَةٍ وَمُفَالَحَةٍ. وَ) بِلَفْظِ (اعْمَلْ بُسْتَانِي هَذَا) حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ الْقَصْدُ. فَأَيُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَيْهِ انْعَقَدَتْ بِهِ كَالْبَيْعِ (وَ) تَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِ إجَارَةٍ (مَعَ مُزَارَعَةٍ) أَيْ: وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا (بِلَفْظِ إجَارَةٍ) كَاسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ بِثُلُثِهَا أَوْ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَزْرَعَ هَذَا الْحَبَّ بِهَذِهِ الْأَرْضِ وَتَعْمَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتِمَّ بِالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُؤَدٍّ لِلْمَعْنَى. (وَ) تَصِحُّ مُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ (عَلَى ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ مَوْجُودَيْنِ يَنْمِيَانِ بِعَمَلٍ)؛ لِأَنَّهُمَا إذَا جَازَا فِي الْمَعْدُومَيْنِ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فَعَلَى الْمَوْجُودَيْنِ مَعَ قِلَّتِهِ أَوْلَى. (وَتَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ) كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا) أَيْ: الْأَرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ طَعَامًا كَانَ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَهِيَ إجَارَةُ حَقِيقَةً يُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ. فَكَمَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ تَصِحُّ بِالْخَارِجِ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَمَنْ تَبِعَهُ هِيَ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ بِآصُعٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُشَاعُ مَجْهُولًا. (فَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ) أَرْضٌ أُجِّرَتْ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا قُلْت: أَوْ زُرِعَتْ فَلَمْ تَنْبُتْ (نُظِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: إلَى الْمُغَلِّ الْمُعَدَّلِ أَيْ: الْمُوَازِنِ لِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَوْ زُرِعَتْ (فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى) لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنْ فَسَدَتْ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ. (وَ) تَصِحُّ إجَارَةٍ أَرْضٍ (بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ) مِنْهَا (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ) بِأَنْ آجَرَهَا سَنَةً لِزَرْعِ بُرٍّ بِقَفِيزِ بُرٍّ وَلَمْ يَقُلْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا أَوْ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ كَمَا لَوْ آجَرَهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ. (وَلَوْ عَمِلَا) أَيْ: الشَّرِيكَانِ (فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ) فَإِنْ قَالَا: عَلَى أَنَّ لَك الثُّلُثَ وَلِي الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا (صَحَّ)؛ لِأَنَّ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْفَضْلَ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى عَلَى الْعَمَلِ مِنْ الْمَفْضُولِ، وَأَعْرَفَ بِهِ مِنْهُ (بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ) أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ. فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ بِمِلْكِهِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا. وَإِنْ شُرِطَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَقَدْ جُعِلَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَيَسْتَعْمِلُهُ بِلَا عِوَضٍ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ. وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ (أَوْ) أَيْ: وَبِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ ب (كُلِّهِ) أَيْ: الثَّمَرِ فَلَا يَصِحُّ (وَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (أُجْرَتُهُ) أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِهِ (إنْ شَرَطَ الْكُلَّ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ. (وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ مُسَاقَاةٍ) كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) تَوْقِيتُ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إبْقَاؤُهُ وَفَسْخُهُ. فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّوْقِيتِ كَالْمُضَارَبَةِ (وَيَصِحُّ) تَوْقِيتُهَا (إلَى جِذَاذٍ وَ) إلَى (إدْرَاكٍ. وَ) إلَى مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ لَا إلَى مُدَّةٍ لَا تَحْتَمِلُهُ؛ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا إذَنْ. (وَمَتَى انْفَسَخَتْ) الْمُسَاقَاةُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتِهِ وَنَحْوَهُ (وَقَدْ ظَهَرَ ثَمَرٌ) فِيمَا سَاقَاهُ عَلَيْهِ (ف) الثَّمَرَةُ (بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ) فِي الْعَقْدِ (وَعَلَى عَامِلٍ) أَوْ وَارِثِهِ (تَمَامُ الْعَمَلِ) كَالْمُضَارِبِ يَبِيعُ الْعُرُوضَ بَعْدَ فَسْخِ الْمُضَارَبَةِ لِيَفُضَّ الْمَالَ، فَإِنْ حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا. قَالَ (الْمُنَقِّحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِمْ عَلَى الْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ تَمَامُ الْعَمَلِ (دَوَامُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُنَاصَبَةِ وَلَوْ فُسِخَتْ) الْمُغَارَسَةُ (إلَى أَنْ تَبِيدَ) الْأَشْجَارُ الْمَغْرُوسَةُ (وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ) انْتَهَى. وَإِنْ بَاعَ عَامِلٌ أَوْ وَارِثُهُ نَصِيبَهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ جَازَ. وَصَحَّ شَرْطُهُ كَالْمُكَاتَبِ يُبَاعُ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ فَلَهُ الْخِيَارُ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْنَاعِ. (وَلَا شَيْءَ لِعَامِلٍ فَسَخَ) الْمُسَاقَاةَ (أَوْ هَرَبَ قَبْلَ ظُهُورِ) الثَّمَرِ لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ بِرِضَاهُ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ (وَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (إنْ مَاتَ) الْعَامِلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ (أَوْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ) الْمُسَاقَاةَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَبَعْدَ الْعَمَلِ (أُجْرَةُ عَمَلِهِ)؛ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ الْعِوَضَ الْمُسَمَّى وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَأْتِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِيمَا إذَا فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمُسَمَّى رَجَعَ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَفَارَقَ ذَلِكَ فَسْخُ رَبِّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا مُفْضٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ إفْضَاؤُهَا إلَى الرِّبْحِ. (وَإِنْ بَانَ الشَّجَرُ) الْمُسَاقَى عَلَيْهِ (مُسْتَحَقًّا) أَيْ: مِلْكًا أَوْ وَقْفًا لِغَيْرِ الْمُسَاقِي بَعْدَ عَمَلِ عَامِلٍ فِيهِ (ف) لِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَثَمَرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْهُ و(لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَاسْتَعْمَلَهُ وَإِنْ شَمَّسَ الْعَامِلُ الثَّمَرَةَ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهَا أَخَذَهَا رَبُّهَا وَإِنْ نَقَصَتْ فَلِرَبِّهَا أَرْشُ نَقْصِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَتَلَفِهَا لِرَبِّهَا تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَإِنْ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْكُلَّ وَلَهُ تَضْمِينُهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ سَبَبُ يَدِ الْعَامِلِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْكُلَّ رَجَعَ عَلَى الْعَامِلِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَرَجَعَ الْعَامِلُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ. وَإِنْ ضَمَّنَ الْعَامِلَ فَهَلْ يُضَمِّنُهُ الْكُلَّ أَوْ نَصِيبَهُ فَقَطْ احْتِمَالَانِ: وَإِنْ ضَمَّنَ كُلَّ مَا صَارَ إلَيْهِ رَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لَا غَيْرُ.
وَعَلَى عَامِلٍ فِي مُسَاقَاةٍ وَمُغَارَسَةٍ وَمُزَارَعَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (مَا فِيهِ نُمُوٌّ أَوْ صَلَاحٌ لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ مِنْ سَقْيٍ) بِمَاءٍ حَاصِلٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَفْرِ بِئْرٍ وَلَا إدَارَةِ دُولَابٍ. (وَ) إصْلَاحُ (طَرِيقِهِ وَتَشْمِيسُ) مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (وَإِصْلَاحُ مَحَلِّهِ وَ) فِعْلُ (حَرْثٍ وَآلَتِهِ وَبَقَرِهِ) أَيْ: الْحَرْثِ (وَزِبَارٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: تَحْفِيفِ الْكَرْمِ مِنْ الْأَغْصَانِ الرَّدِيئَةِ وَبَعْضِ الْجَيِّدَةِ بِقَطْعِهَا بِمَنْجَلٍ وَنَحْوِهِ (وَتَلْقِيحٍ) أَيْ: جَعْلُ طَلْعِ الْفِحَالِ فِي طَلْعِ الثَّمَرِ (وَقَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ) بِشَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَقَطْعُ شَوْكٍ يَابِسٍ (وَتَفْرِيقُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ وَنَقْلِ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ) كَزَرْعٍ (لِجَرِينٍ وَحَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَلِقَاطٍ) لِنَحْوِ قِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ. (وَتَصْفِيَةُ) زَرْعٍ (وَتَجْفِيفُ) ثَمَرَةٍ (وَحِفْظُ) ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ (إلَى قِسْمَةٍ)؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ الْعَمَلِ (وَعَلَى رَبِّ أَصْلٍ حِفْظُهُ) أَيْ: مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ (كَسَدِّ حَائِطٍ وَإِجْرَاءِ نَهْرٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ وَ) ثَمَنِ (دُولَابٍ وَمَا يُدِيرُهُ) مِنْ بَهَائِمَ (وَشِرَاءِ مَاءٍ وَ) شِرَاءِ (مَا يُلَقَّحُ بِهِ) مِنْ طَلْعِ فِحَالٍ وَيُسَمَّى الْكُثْرُ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونُ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِهَا (وَتَحْصِيلُ زِبْلٍ وَسِبَاخٍ)؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَمَلِ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ (بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا جِذَاذٌ) نَصًّا أَيْ: قَطْعُ ثَمَرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَكَامُلِ الثَّمَرِ وَانْقِضَاءٍ لِمُعَامَلَةٍ أَشْبَهَ نَقْلَهُ إلَى الْمَنْزِلِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَنْهُ عَلَى الْعَامِلِ. (وَيَصِحُّ شَرْطُهُ) أَيْ: الْجِذَاذُ (عَلَى عَامِلٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَصَحَّ كَتَأْجِيلِ ثَمَنٍ فِي بَيْعٍ وَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا نَصًّا بِأَزْكَاهَا و(لَا) يَصِحُّ أَنْ يُشْتَرَطَ (عَلَى أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ) لِمُخَالِفَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْمُضَارَبَةِ إذَا شُرِطَ فِيهِمَا الْعَمَلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. (وَيُتَّبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفُ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ) فَيُعْمَلُ بِهِ فَمَا عُرِفَ أَخَذَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَمَا عُرِفَ مِنْ الْعَامِلِ فَعَلَيْهِ، وَمَا طُلِبَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ، وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ وَعَلَى الْعَقَارِ فَعَلَى رَبِّهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا فَالْعَادَةُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ أَثْمَرَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ؛ وَلِأَنَّهُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فَكَانَ عَلَى مَنْ هِيَ مِلْكُهُ كَمَا لَوْ زَارَعَ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ كَمَالِكٍ فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ. (وَكُرِهَ حَصَادٌ وَجِذَاذٌ لَيْلًا) نَصًّا خَشْيَةَ ضَرَرٍ. (وَعَامِلٌ) فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ (كَمُضَارِبٍ فِيمَا يُقْبَلُ) قَوْلُهُ فِيهِ (أَوْ يُرَدُّ قَوْلُهُ فِيهِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ائْتَمَنَهُ دُونَ رَدِّ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِحَظِّ نَفْسِهِ، وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا شُرِطَ لِعَامِلٍ مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ زَرْعٍ. (وَ) فِي (مُبْطِلٍ) لِعَقْدِهَا كَجُزْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا (وَ) فِي (جُزْءٍ مَشْرُوطٍ) مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ زَرْعٍ إذَا اخْتَلَفَا لِمَنْ هُوَ. (فَإِنْ خَانَ) عَامِلٌ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ (فَمُشْرِفٌ يَمْنَعُهُ) الْخِيَانَةَ إنْ ثَبَتَتْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ فَيَضُمُّ إلَيْهِ مَنْ يَمْنَعُهُ لِيَحْفَظَ الْمَالَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) مَنْعُ مُشْرِفٍ لَهُ مِنْ الْخِيَانَةِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ حِفْظُ الْمَالِ مِنْهُ (فَعَامِلٌ) يُسْتَعْمَلُ (مَكَانَهُ) لِيَحْفَظَ الْمَالَ (وَأُجْرَتُهُمَا) أَيْ: الْمُشْرِفِ وَالْعَامِلِ مَكَانَهُ (مِنْهُ) أَيْ: الْخَائِنِ لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ لِلُزُومِ الْحِفْظِ لَهُ، (وَإِنْ اُتُّهِمَ) بِخِيَانَةٍ وَلَمْ تَثْبُتْ (حَلَفَ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ رَبِّ الْمَالِ (وَلِمَالِكٍ قَبْلَ فَرَاغِ) عَمَلٍ (ضَمُّ أَمِينٍ) إلَى الْعَامِلِ الْمُتَّهَمِ لِحِفْظِ مَالِهِ (بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ: رَبِّ الْمَالِ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ خِيَانَتِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِهِ) أَيْ: بِعَامِلٍ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ (نَفْعٌ لِعَدَمِ بَطْشِهِ) فِي الْعَمَلِ مَعَ أَمَانَتِهِ لَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي بَقَائِهَا، وَالْعَمَلُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ و(أُقِيمَ مَقَامَهُ) مَنْ يَعْمَلُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ (أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ) مَنْ يُعِينُهُ إنْ ضَعُفَ عَنْهُ وَأُجْرَتُهُ فِيهِمَا مِنْ عَامِلٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَوْفِيَةَ الْعَمَلِ وَهَذَا مِنْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ أَمْطَارٌ أَوْ فَاضَتْ عُيُونٌ فَأَغْنَتْ عَنْ سَقْيِ عَامِلٍ لَمْ يَنْقُصْ نَصِيبُهُ بِذَلِكَ.
وَشُرِطَ لَهَا عِلْمُ بَذْرٍ كَشَجَرٍ فِي مُسَاقَاةٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ لَا يُخْتَلَفُ مَعَهَا. (وَ) عِلْمُ (قَدْرِهِ) أَيْ: الْبَذْرِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مُقَدَّرٍ كَالْإِجَارَةِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ: الْبَذْرِ (مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ) نَصًّا وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَشْتَرِكَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ فِي نَمَائِهِ فَوَجَبَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ مِنْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا كَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُقْنِعِ. (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ بَذْرٍ مِنْ رَبِّ أَرْضٍ و(لَوْ) كَانَ (عَامِلًا) عَلَى زَرْعٍ (وَبَقَرُ الْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ صَاحِبِ الْبَقَرِ وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ وَرَبُّ الْأَرْضِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هُنَا إلَّا بَعْضُ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ (وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ بَذْرٍ مِنْ عَامِلٍ أَوْ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ رَبِّ أَرْضٍ وَعَامِلٍ مَعًا (وَلَا) كَوْنُ بَذْرٍ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ: أَحَدِ الْمُزَارِعَيْنِ سَوَاءٌ عَمِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا. (وَالْأَرْضُ لَهُمَا أَوْ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ (الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَذْرِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ) كَوْنُ الْأَرْضِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلِ مِنْ ثَانٍ (وَالْبَذْرِ مِنْ ثَالِثٍ أَوْ) كَوْنُ الْأَرْضِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلِ مِنْ ثَانٍ وَالْبَذْرِ مِنْ ثَالِثٍ (وَالْبَقَرِ مِنْ رَابِعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ (أَوْ) كَوْنِ (الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْمَاءِ مِنْ الْآخَرِ) فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ كَوْنُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ وَلَيْسَ مِنْ صَاحِبِ الْمَاءِ أَرْضٌ وَلَا عَمَلٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُسْتَأْجَرُ. فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِهِ. وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ أَرْضٍ: آجَرْتُك نِصْفَ أَرْضِي هَذِهِ بِنِصْفِ بَذْرِك وَبِنِصْفِ مَنْفَعَتِك وَمَنْفَعَةِ بَقَرِك وَآلَتَكَ، وَأَخْرَجَ الزَّارِعُ الْبَذْرَ كُلَّهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. وَكَذَا لَوْ جَعَلَهَا أُجْرَةً لِأَرْضٍ أُخْرَى أَوْ دَارٍ، وَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَإِنْ أَمْكَنَ عِلْمُ الْمَنْفَعَةِ وَضَبْطُهَا بِمَا لَا يُخْتَلَفُ مَعَهُ وَمَعْرِفَةُ الْبَذْرِ جَازَ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ قَالَ أَجَّرْتُكِ نِصْفَ أَرْضِي بِنِصْفِ مَنْفَعَتِك وَمَنْفَعَةِ بَقَرِكَ وَآلَتَكَ وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ فَكَالَّتِي قَبْلَهَا إلَّا أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَإِنْ شَرَطَ) رَبُّ مَالٍ (لِعَامِلٍ نِصْفَ هَذَا النَّوْعِ) أَوْ الْجِنْسِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ (وَرُبُعَ) النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ (لِآخَرَ وَجُهِلَ قَدْرُهُمَا) أَيْ: النَّوْعَيْنِ بِأَنْ جَهِلَاهُمَا أَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ. لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مَا فِي الْبُسْتَانِ مِنْ النَّوْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرُّبُعَ. وَأَقَلُّهُ مِنْ الْآخَرِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَكْسِ (أَوْ) شَرَطَ (إنْ سَقَى) الْعَامِلُ (سَيْحًا أَوْ زَرَعَ شَعِيرًا فَ) لِعَامِلٍ (الرُّبُعُ، وَ) إنْ سَقَى (بِكُلْفَةٍ. أَوْ) زَرَعَ (حِنْطَةً فَ) لَهُ (النِّصْفُ) لَمْ يَصِحَّ؛ لِجَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالنَّصِيبِ. وَكَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ صِحَاحٍ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ مُكَسَّرَةً. وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَا زَرَعْت مِنْ شَعِيرٍ فَلِي رُبُعُهُ وَمَا زَرَعْت مِنْ حِنْطَةٍ فَلِي نِصْفُهَا، وَمَا زَرَعْت مِنْ ذُرَةٍ فَلِي ثُلُثُهَا وَنَحْوَهُ لِجَهَالَةِ الْمَزْرُوعِ (أَوْ) قَالَ لَهُ: اعْمَلْ و(لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَلْزَمْكَ خَسَارَةٌ (فَ) لَك (الرُّبُعُ) لَمْ يَصِحَّ نَصًّا. وَقَالَ: هَذَانِ شَرْطَانِ فِي شَرْطٍ وَكَرِهَهُ (أَوْ) شَرَطَا (أَنْ يَأْخُذ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ) بِمَا يَحْصُلُ (وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ) لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِثْلُ الْبَذْرِ فَيَخْتَصُّ بِهِ رَبُّهَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ. (أَوْ) قَالَ رَبُّ بُسْتَانَيْنِ فَأَكْثَرَ لِعَامِلٍ (: سَاقَيْتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ أُسَاقِيَك) الْبُسْتَانَ (الْآخَرَ بِالرُّبُعِ فَسَدَتَا) أَيْ: الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ فِيمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (كَمَا لَوْ شَرَطَا) أَيْ: رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مِنْ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ مَعْلُومَةً. (أَوْ) شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا (دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ) شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا (زَرْعَ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ) مِنْ الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرَ شَجَرِ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ. أَمَّا فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَزِيدُ عَنْ الْقُفْزَانِ الْمَشْرُوطَةِ. وَفِي الثَّانِيَةِ قَدْ لَا يَخْرُجُ مَا يُسَاوِي تِلْكَ الدَّرَاهِمَ. وَفِي الثَّالِثَةِ قَدْ لَا يَتَحَصَّلَ فِي النَّاحِيَةِ الْمُسَمَّاةِ أَوْ الْأُخْرَى شَيْءٌ. وَكَذَا لَوْ شُرِطَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَ الْجُزْءِ أَوْ جَعَلَ لَهُ ثَمَرَةَ سَنَةٍ غَيْرِ السَّنَةِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا أَوْ ثَمَرَ شَجَرٍ غَيْرِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلًا فِي غَيْرِ الشَّجَرِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ، أَوْ فِي غَيْرِ السَّنَةِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الْمُسَاقَاةِ. وَكَذَا لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا مَا عَلَى السَّوَاقِي أَوْ الْجَدَاوِلِ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ نَصِيبِهِ. (فَالزَّرْعُ) إذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ لِرَبِّ الْبَذْرِ (أَوْ الثَّمَرِ) إذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ (لِرَبِّهِ) أَيْ: الشَّجَرِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ يَنْقَلِبُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ وَيَنْمُو كَالْبَيْضَةِ تُحْضَنُ فَتَصِيرُ فَرْخًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ: رَبِّ الْبَذْرِ وَالشَّجَرِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فَرَجَعَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْبَذْرِ هُوَ الْعَامِلُ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَالزَّرْعُ لَهُمَا وَيَتَرَاجَعَانِ بِمَا يَفْضُلُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا نَصِيبُ الْعَامِلِ وَأَجْرُ الْعَامِلِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ. (وَمَنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ) فِي أَرْضٍ شَائِعَةٍ بَيْنَهُمَا (فِي نَصِيبِهِ) مِنْهَا (بِفَضْلٍ) أَيْ: جُزْءٍ زَائِدٍ (عَنْ حِصَّتِهِ) مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ نِصْفَيْنِ وَجَعَلَا لِلْعَامِلِ عَلَيْهَا مِنْهُمَا الثُّلُثَيْنِ (صَحَّ) وَالسُّدُسُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَأَنَّ شَرِيكَهُ. قَالَ: زَارَعْتُكَ عَلَى نَصِيبِي بِثُلُثِهِ فَيَجُوزُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ. (مَنْ زَارَعَ أَوْ أَجَّرَ) شَخْصًا (أَرْضًا وَسَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ بِهَا صَحَّ)؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَوَاءٌ قَلَّ بَيَاضُ الْأَرْضِ أَوْ كَثُرَ نَصًّا (مَا لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (حِيلَةً) عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (وَمَعَهَا) أَيْ: الْحِيلَةِ (إنْ جَمَعَهُمَا) أَيْ: الْإِجَارَةَ وَالْمُسَاقَاةَ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (فَتَفْرِيقُ صَفْقَةٍ) فَيَصِحُّ فِي الْإِجَارَةِ وَيَبْطُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ. (وَلِمُسْتَأْجِرٍ فَسْخُ الْإِجَارَةِ) لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فِي عَقْدٍ. بَلْ أَفْرَدَ الْإِجَارَةَ بِعَقْدٍ وَالْمُسَاقَاةَ بِآخَرَ (فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ) فَقَطْ؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالثَّمَرِ. وَلَا فَسْخَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُفْرَدَةٌ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَاقَاةٌ. قَالَ: (الْمُنَقِّحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ عَقْدِ الْحِيلَةِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى. وَسَوَاءٌ كَانَ إجَارَةً أَوْ مُسَاقَاةً جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ فَرَّقَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأَرْضِ إلَّا شَجَرَاتٌ يَسِيرَةٌ لَمْ يَجُزْ شَرْطُ ثَمَرِهَا لِعَامِلِ مُزَارَعَةٍ وَمَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ فِي حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ، فَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصًّا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا وَكَذَا مَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحُصِدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ. وَاللِّقَاطُ مُبَاحٌ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْخَلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَالَ: لَمْ يَرَ بَأْسَا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلًّا وَشَوْكًا لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا. عُرْفًا وَعَادَةً، وَإِذَا فَسَخَ الْعَامِلُ الْمُزَارَعَةَ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا عَمِلَ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْأَرْضِ وَبَعْدَ ظُهُورِ الزَّرْعِ لَهُ حِصَّتُهُ وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ كَالْمُسَاقَاةِ.
مِنْ الْأَجْرِ وَهُوَ الْعِوَضُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الثَّوَابُ أَجْرًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى يُعَوِّضُهُ الْعَبْدَ عَلَى طَاعَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الْإِجَارَةُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّفَقَ عَلَى إجَازَتِهَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ قَوْلَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَنَافِعِ بِالصَّنَائِعِ. وَهِيَ لُغَةً الْمُجَازَاةُ يُقَالُ: آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلِهِ إذَا جَازَاهُ عَلَيْهِ. وَشَرْعًا (عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ) لَا مُحَرَّمَةٍ كَزِنًا وَزَمْرٍ (مَعْلُومَةٍ) لَا مَجْهُولَةٍ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (مِنْ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ) كَسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً أَوْ دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ سَنَةً مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (عَمَلٍ مَعْلُومٍ) كَحَمْلِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ ضَرْبَانِ: وَيَأْتِي (بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ) فِي الضَّرْبَيْنِ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُسْتَوْفَى دُونَ الْعَيْنِ وَالْعِوَضُ فِي مُقَابَلَتِهَا، وَإِنَّمَا أُضِيفَ الْعَقْدُ لِلْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ كَمَا تُضَافُ الْمُسَاقَاةُ لِلْبُسْتَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الثَّمَرُ وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُك مَنْفَعَةَ دَارِي جَازَ (وَالِانْتِفَاعُ) مِنْ قِبَلِ مُسْتَأْجَرٍ (تَابِعٍ) لِلْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا (وَيُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْمُدَّةِ صُورَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الصُّلْحِ) وَهِيَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى إجْرَاءِ مَائِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ سَطْحِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ لِلْحَاجَةِ كَنِكَاحٍ. (وَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا (مَا فَعَلَهُ) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ حَيْثُ وَقَفَهَا وَأَقَرَّهَا بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِخَرَاجٍ ضَرَبَهُ عَلَيْهَا فِي كُلِّ عَامٍ أُجْرَةً لَهَا وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ وَأَرْكَانُ الْإِجَارَةِ الْعَاقِدَانِ وَالْعِوَضَانِ وَالصِّيغَةُ (وَهِيَ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا) كَالسَّلَمِ (مِنْ الرُّخَصِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) إذْ الشُّفْعَةُ انْتِزَاعُ مِلْكِ الْإِنْسَانِ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَالْكِتَابَةُ يَتَّحِدُ فِيهَا الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعُ وَالْبَقِيَّةُ فِيهَا الْغَرَرُ (وَالْأَصَحُّ لَا) أَيْ: أَنَّهَا عَلَى (وَفْقِ الْقِيَاسِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالِفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ. (وَتَنْعَقِدُ) الْإِجَارَةُ (بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَ) بِلَفْظِ (كِرَاءٍ) كَأَجَرْتُك وَأَكْرَيْتُك وَاسْتَأْجَرْت وَاكْتَرَيْت؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مَوْضُوعَانِ لَهَا. (وَ) تَنْعَقِدُ ب (مَا بِمَعْنَاهُمَا) كَأَعْطَيْتُكَ نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مَلَّكْتُكَهُ سَنَةً بِكَذَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَكَذَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ كَأَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِكَذَا. (وَ) تَصِحُّ (بِلَفْظِ بَيْعٍ إنْ لَمْ يُضَفْ إلَى الْعَيْنِ) نَحْوُ بِعْتُكَ نَفْعَ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمَنَافِعُ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَتُضْمَنُ بِالْيَدِ وَالْإِتْلَافِ. فَإِنْ أُضِيفَتْ إلَى الْعَيْنِ كَبِعْتُكِ دَارِي شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَحُدَّ حَدًّا، لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً وَكَذَا. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
(وَشُرُوطُهَا أَيْ: الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةٌ): أَحَدُهَا: (مَعْرِفَةُ مَنْفَعَةٍ) لِأَنَّهَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا. فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْمَبِيعِ (إمَّا بِعُرْفٍ) أَيْ: مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ (كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا) لِتَعَارُفِ النَّاسِ بِالسُّكْنَى وَالتَّفَاوُتُ فِيهَا يَسِيرٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطٍ (وَخِدْمَةِ آدَمِيٍّ سَنَةً)؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِالْعُرْفِ فَلَا تَحْتَاجُ لِضَبْطٍ كَالسُّكْنَى فَيَخْدُمُهُ نَهَارًا وَمِنْ اللَّيْلِ مَا يَكُونُ مِنْ خِدْمَةِ أَوْسَاطِ النَّاسِ (أَوْ بِوَصْفٍ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَحَلِّ كَذَا)؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إنَّمَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ وَكَذَا كُلُّ مَحْمُولٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ وَزْنِهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُحْمَلُ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ كِتَابًا فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَالْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ (أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ) أَيْ: الْحَائِطِ (وَ) يَذْكُرُ (عَرْضَهُ وَسَمْكَهُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَآلَتَهُ)؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فَيَقُولُ: مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ وَبِالطِّينِ أَوْ الْجِصِّ وَنَحْوِهِ فَلَوْ بَنَاهُ ثُمَّ سَقَطَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ إلَّا إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِتَفْرِيطِهِ نَحْوُ إنْ بَنَاهُ مَحْلُولًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَغُرْمُ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ أَذْرُعٍ مَعْلُومَةٍ فَبَنَى بَعْضَهَا وَسَقَطَ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَتَمَامُ الْأَذْرُعِ لِيَفِيَ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِضَرْبِ لَبِنٍ ذَكَرَ عَدَدَهُ وَقَالَبَهُ وَمَوْضِعَ الضَّرْبِ وَلَا يَكْتَفِي بِمُشَاهَدَةِ الْقَالِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا كَالسَّلْمِ وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ لِيَجِفَّ. (وَ) تَصِحُّ إجَارَةُ (أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ) بِرُؤْيَةٍ لَا وَصْفٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَنْضَبِطُ بِهِ وَتَصِحُّ لِتَجْصِيصِ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ وَتُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ لَا الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ (لِزَرْعٍ) مَعْلُومٍ كَبُرٍّ (أَوْ غَرْسٍ) مَعْلُومٍ كَنَخْلٍ (أَوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ) كَدَارٍ صِفَتُهَا كَذَا (أَوْ لِزَرْعِ) مَا شَاءَ (أَوْ) ل (غَرْسِ مَا شَاءَ) أَوْ لِبِنَاءِ مَا شَاءَ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِأَكْثَرَ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ ضَرَرًا (أَوْ لِزَرْعِ وَغَرْسِ مَا شَاءَ) أَوْ لِغَرْسِ وَبِنَاءِ مَا شَاءَ أَوْ لِزَرْعِ وَغَرْسِ وَبِنَاءِ مَا شَاءَ (أَوْ) (لِزَرْعٍ) وَيَسْكُتُ (أَوْ غَرْسٍ وَيَسْكُتُ) أَوْ لِبِنَاءٍ وَيَسْكُتُ، وَلَهُ فِي الْأُولَى زَرْعُ مَا شَاءَ وَفِي الثَّانِيَةِ غَرْسُ مَا شَاءَ. وَفِي الثَّالِثَةِ بِنَاءُ مَا شَاءَ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِأَكْثَرَ ذَلِكَ ضَرَرًا (أَوْ) يَقُولُ: آجَرْتُكَ الْأَرْضَ و(يُطْلِقُ وَ) الْأَرْضُ (تَصْلُحُ لِلْجَمِيعِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ أَطْلَقَ أَوْ قَالَ: انْتَفِعْ بِهَا بِمَا شِئْتَ فَلَهُ زَرْعٌ وَغَرْسٌ وَبِنَاءٌ (وَ) إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ (لِرُكُوبٍ اشْتَرَطَ مَعَ ذِكْرِ الْمَوْضِع) الْمَرْكُوبِ إلَيْهِ (مَعْرِفَةَ رَاكِبٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَذِكْرِ جِنْسِ مَرْكُوبٍ كَمَبِيعٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا؛ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ بِالنَّظَرِ إلَى أَجْنَاسِ الْمَرْكُوبِ مِنْ كَوْنِهِ فَرَسًا أَوْ بَعِيرًا أَوْ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا. (وَ) مَعْرِفَةَ (مَا يَرْكَبُ بِهِ مِنْ سَرْجٍ وَغَيْرِهِ)؛ لِاخْتِلَافِ ضَرَرِ الْمَرْكُوبِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ. (وَ) مَعْرِفَةَ (كَيْفِيَّةِ سَيْرِهِ مِنْ هِمْلَاجٍ) بِكَسْرِ الْهَاء (وَغَيْرِهِ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ و(لَا) يُشْتَرَطُ (ذِكْرُ ذُكُورِيَّتِهِ أَوْ أُنُوثِيَّتِهِ أَوْ نَوْعِهِ) أَيْ: الْمَرْكُوبِ كَعَرَبِيٍّ أَوْ بِرْذَوْنٍ فِي الْفَرَسِ وَلَا بُخْتِيٍّ وَلَا عَرَابِيٍّ فِي إبِلٍ؛ لِأَنَّ تَفَاوَتَهُ يَسِيرٌ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ تَوَابِعِ الرَّاكِبِ الْعُرْفِيَّةِ كَدَارٍ وَأَثَاثٍ. (وَ) يُشْتَرَطُ فِي إجَارَةٍ (لِحَمْلِ مَا يَتَضَرَّرُ) أَيْ: يُخْشَى عَلَيْهِ ضَرَرًا إذَا حُمِلَ (كَخَزْفٍ) أَيْ: فَخَّارٍ (وَنَحْوَهُ) كَزُجَاجٍ (مَعْرِفَةُ حَامِلِهِ) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَمَعْرِفَتُهُ) أَيْ: الْحَامِلِ بِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ (لِمَحْمُولٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ) إنْ كَانَ خَزَفًا وَنَحْوَهُ (وَذِكْرُ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ خَزَفًا وَنَحْوَهُ. (وَ) يُشْتَرَطُ فِي اسْتِئْجَارٍ (لِحَرْثٍ مَعْرِفَةُ أَرْضٍ) بِرُؤْيَةٍ؛ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِهَا سُهُولَةً وَضِدَّهَا وَلَا تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ.
(مَعْرِفَةُ أُجْرَةٍ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ عِلْمُهُ كَالثَّمَنِ وَلِخَبَرِ {مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ} وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً (فَمَا بِذِمَّةٍ) مِنْ أُجْرَةٍ حُكْمُهُ (كَثَمَنٍ) أَيْ: فَمَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا بِذِمَّةٍ صَحَّ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي الذِّمَّةِ (وَمَا عُيِّنَ) مِنْ أُجْرَةٍ (كَمَبِيعٍ) مُعَيَّنٍ فَتَكْفِي مُشَاهَدَةُ نَحْو صُبْرَةٍ وَقَطِيعٍ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُهُ لِجَرَيَانِ الْمَنْفَعَةِ مَجْرَى الْأَعْيَانِ؛ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْدُومٍ. (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ بِسُكْنَى) دَارٍ (أُخْرَى) سَنَةً وَنَحْوَهُ لِلْعِلْمِ بِالْعِوَضَيْنِ (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ ب (خِدْمَةٍ) مِنْ مُعَيَّنٍ (وَ) ب (تَزَوُّجٍ مِنْ مُعَيَّنٍ) وَكَذَا اسْتِئْجَارُ آدَمِيٍّ لِخِدْمَةٍ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِقِصَّةِ شُعَيْبٍ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَحَدِيثُ {إنَّ مُوسَى أَجَّرَ نَفْسَهُ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ بِعِمَارَتِهَا لِلْجَهَالَةِ وَإِنْ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ بِنَفَقَةِ مُسْتَأْجِرٍ بِحِسَابِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ وَكَّلَهُ فِيهِ وَإِنْ شَرَطَهُ خَارِجًا مِنْ الْأُجْرَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ دَفَعَ عَبْدَهُ إلَى نَحْوِ خَيَّاطٍ لِيُعَلِّمَهُ بِعَمَلِ الْغُلَامِ سَنَةً جَازَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (حُلِيٍّ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ) لِلُبْسٍ أَوْ عَارِيَّةً نَصًّا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَلْ هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَإِلَّا لِمَا جَازَ إجَارَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (أَجِيرٍ وَمُرْضِعَةٍ) أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا (بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا) وَإِنْ لَمْ يُوصَفَا وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُمَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَشَرَطَ مَعَهَا طَعَامَهُمَا وَكِسْوَتَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ عَلَى الرَّضَاعِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الزَّوْجَةُ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُرْضِعْ قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِزَوْجٍ. وَيُسْتَدَلُّ لِلْأَجِيرِ بِقِصَّةِ مُوسَى وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " كُنْتُ أَجِيرًا لِابْنَةِ غَزْوَانٍ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رَحْلِي أَحْطِبُ لَهُمْ إذَا نَزَلُوا وَأَحْدُو لَهُمْ إذَا رَكِبُوا " وَبِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى أَنَّهُمْ اسْتَأْجَرُوا الْأُجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ نَكِيرٌ؛ وَلِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَةٍ فَقَامَ الْعُرْفُ فِيهِ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ (وَهُمَا) أَيْ: الْأَجِيرُ وَالْمُرْضِعَةُ (فِي تَنَازُعٍ) مَعَ مُسْتَأْجِرِهِمَا فِي صِفَةِ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ قَدْرِهِمَا (كَزَوْجَةٍ فَلَهُمَا نَفَقَةُ وَكِسْوَةُ) مِثْلِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {بِالْمَعْرُوفِ} وَمَنْ احْتَاجَ مِنْهُمَا إلَى دَوَاءٍ لِمَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْ مُسْتَأْجِرًا لَكِنْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَعَامِ الصَّحِيحِ يَشْتَرِي بِهِ لِلْمَرِيضِ مَا يَصْلُحُ لَهُ. وَإِنْ شَرَطَ لِلْأَجِيرِ إطْعَامَ غَيْرِهِ أَوْ كِسْوَتَهُ مَوْصُوفًا جَازَ؛ لِلْعِلْمِ بِهِ وَهُوَ لِلْأَجِيرِ إنْ شَاءَ أَطْعَمَهُ أَوْ تَرَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا لَمْ يَجُزْ؛ لِلْجَهَالَةِ وَاحْتُمِلَتْ فِيمَا إذَا اُشْتُرِطَتْ لِلْأَجِيرِ نَفْسِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَجَرْيِ الْعَادَةِ بِهَا وَلِلْأَجِيرِ النَّفَقَةُ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا أَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَكْلِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَسْقُطْ وَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْغِنَى كَالدَّرَاهِمِ وَعَلَى الْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يَدِرُّ بِهِ لَبَنُهَا وَيَصْلُحُ بِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ، وَإِنْ دَفَعَتْهُ لِخَادِمَتِهَا وَنَحْوهَا فَأَرْضَعَتْهُ فَلَا أَجْرَ لَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُوَفِّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَقَتْهُ لَبَنَ دَابَّةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ أَرْضَعَهُ فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرٍ إطْعَامُهُمَا إلَّا مَا يُوَافِقُهُمَا مِنْ الْأَغْذِيَةِ. (وَسُنَّ عِنْدَ فِطَامٍ لِمُوسِرٍ اسْتَرْضَعَ أَمَةً) لِوَلَدِهِ وَنَحْوِهِ (إعْتَاقُهَا وَ) لِمُوسِرٍ اسْتَرْضَعَ (حُرَّةً) لِوَلَدِهِ (إعْطَاؤُهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ - بِفَتْحِ الذَّالِ مِنْ الذَّمِّ - قَالَ: الْغُرَّةُ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ}. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَعَلَّ هَذَا فِي الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعِ. (وَالْعَقْدُ) فِي الرَّضَاعِ (عَلَى الْحَضَانَةِ) أَيْ: خِدْمَةِ الْمُرْتَضِعِ وَحَمْلِهِ وَدَهْنِهِ وَنَحْوِهِ وَوَضْعِ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ (وَاللَّبَنُ تَبَعٌ) كَصَبْغِ صَبَّاغٍ وَمَاءِ بِئْرٍ بِدَارٍ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ عَيْنٌ فَلَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ إجَارَةٌ كَلَبَنِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: (وَالْأَصَحُّ اللَّبَنُ)؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الْخِدْمَةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَا خِدْمَةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَلَوْ خَدَمَتْهُ بِلَا رَضَاعٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فَرَتَّبَ إيتَاءَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَدَلَّ أَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَوْ كَانَ عَلَى الْخِدْمَةِ لَمَا لَزِمَهَا سَقْيُ لَبَنِهَا وَجَوَازُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلِضَرُورَةِ حِفْظِ الْآدَمِيِّ. (وَإِنْ أُطْلِقَتْ) حَضَانَةٌ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَضَانَتِهِ وَأُطْلِقَ لَمْ يَشْمَلْ الرَّضَاعَ (أَوْ خُصِّصَ رَضَاعٌ) بِالْعَقْدِ بِأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكِ لِرَضَاعِهِ (لَمْ يَشْمَلْ الْآخَرَ) أَيْ: الْحَضَانَةَ؛ لِئَلَّا يَلْزَمَهَا زِيَادَةٌ عَمَّا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا. (وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رَضَاعٍ) انْفَسَخَ بِانْقِطَاعِ اللَّبَنِ (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رَضَاعٍ (مَعَ حَضَانَةٍ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (بِانْقِطَاعِ اللَّبَنِ)؛ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ (وَشُرِطَ) فِي اسْتِئْجَارٍ لِرَضَاعٍ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ (مَعْرِفَةُ مُرْتَضِعٍ) بِمُشَاهَدَةٍ لِاخْتِلَافِ الرَّضَاعِ بِاخْتِلَافِ الرَّضِيعِ كِبَرًا وَصِغَرًا وَنَهْمَةً وَقَنَاعَةً. (وَ) الثَّانِي: مَعْرِفَةُ (أَمَدِ رَضَاعٍ) إذْ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ إلَّا بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ وَالْعَمَلَ فِيهَا يَخْتَلِفُ. (وَ) الثَّالِثُ: (مَعْرِفَةُ مَكَانِهِ) أَيْ: الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهَا فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَسْهُلُ فِي بَيْتِهَا. وَ (لَا) يَصِحُّ (اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا) فَقَطْ أَوْ مَعَ نَحْوِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَلَا عُرْفَ لَهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ وَصَفَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ كَشَعِيرٍ وَقَدَّرَهُ بِمَعْلُومٍ جَازَ (أَوْ) يَسْتَأْجِرُ (مَنْ يَسْلُخُهَا) أَيْ: الدَّابَّةَ (بِجِلْدِهَا) فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَيَخْرُجُ الْجِلْدُ صَحِيحًا سَلِيمًا أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ ثَخِينٌ أَوْ رَقِيقٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ سَلَخَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (أَوْ يَرْعَاهَا) أَيْ: الدَّابَّةَ (بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهَا) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِرَعْيِ غَنَمِهِ بِثُلُثِ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا أَوْ نِصْفِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ جَمِيعِهِ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يَصِحُّ عِوَضًا فِي بَيْعٍ وَلَا يُدْرَى أَيُوجَدُ أَوْ لَا. وَأَمَّا جَوَازُ دَفْعِ الدَّابَّةِ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهَا؛ فَلِأَنَّهَا عَيْنٌ تُنَمَّى بِالْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ وَأَمَّا هُنَا فَالنَّمَاءُ الْحَاصِلُ فِي الْغَنَمِ لَا يَقِفُ حُصُولُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِيهَا فَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِهَا بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ عَيْنِهَا صَحَّ. (وَلَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى (طَحْنِ كُرٍّ) بِضَمِّ الْكَافِ مَكِيلٌ بِالْعِرَاقِ قِيلَ: أَرْبَعُونَ إرْدَبًّا وَقِيلَ: سِتُّونَ قَفِيزًا (بِقَفِيزٍ مِنْهُ) أَيْ: الْمَطْحُونُ لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ مَرْفُوعًا {أَنَّهُ نَهَى عَنْ عَسَبِ الْفَحْلِ وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ}؛ وَلِأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ بَعْضُ مَعْمُولِهِ أَجْرًا لِعَمَلِهِ فَيَصِيرُ الطَّحْنُ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَعَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْقَفِيزِ مَطْحُونًا لَا يُدْرَى كَمْ هُوَ فَتَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَجْهُولَةً وَتَقَدَّمَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ كَسُدُسِهِ يَصِحُّ. (وَمَنْ أَعْطَى صَانِعًا مَا صَنَعَهُ) كَثَوْبٍ لِيَصْبُغَهُ أَوْ يَخِيطَهُ أَوْ يُقَصِّرَهُ أَوْ حَدِيدًا لِيَضْرِبَهُ سَيْفًا وَنَحْوَهُ فَفَعَلَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (أَوْ اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أَوْ نَحْوَهُ) كَحَلَّاقٍ وَدَلَّالٍ بِلَا عَقْدٍ مَعَهُ (فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ) عَلَى عَمَلِهِ سَوَاءٌ وَعَدَهُ كَقَوْلِهِ: اعْمَلْهُ وَخُذْ أُجْرَتَهُ أَوْ عَرَّضَ لَهُ كَقَوْلِهِ: اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَعْمَلُ بِلَا أُجْرَةٍ أَوْ لَا (وَلَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ) أَيْ: الْحَمَّالِ وَنَحْوِهِ (بِأَخْذِ) أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُ بِإِذْنِهِ مَا لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى تَمْلِيكِهِ إيَّاهُ أَوْ إذْنِهِ فِي إتْلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي قَبْضِ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ الضَّمَانُ وَهَذَا فِي الْمُنْتَصِبِ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَعْرِيضٍ (وَكَذَا رُكُوبُ سَفِينَةٍ وَدُخُولُ حَمَّامٍ) فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَقْتَضِيهِ. (وَمَا يَأْخُذُ حَمَّامِي) مِنْ دَاخِلِ حَمَّامِهِ (فَأُجْرَةُ مَحَلٍّ وَسَطْلٍ وَمِئْزَرٍ وَالْمَاءُ تَبَعٌ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَبَنِ الْمُرْضِعَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ. (وَ) مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ وَقَالَ: (إنْ خِطْته الْيَوْمَ) فَبِدِرْهَمٍ (وَ) إنْ خِطْته (رُومِيًّا فَبِدِرْهَمٍ وَ) إنْ خِطْته (غَدًا) فَبِنِصْفِهِ (أَوْ) إنْ خِطْته (فَارِسِيًّا فَبِنِصْفِهِ) أَيْ: نِصْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ. كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُك الدَّارَ بِدِرْهَمٍ نَقْدًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ نَسِيئَةً أَوْ اسْتَأْجَرْتُ مِنْك هَذَا بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذَا بِدِرْهَمَيْنِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِأَحَدِهِمَا (أَوْ) دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى زَرَّاعٍ، وَقَالَ (إنْ زَرَعْتَهَا بُرًّا فَبِخَمْسَةٍ وَ) إنْ زَرَعْتَهَا (ذُرَةً فَبِعَشَرَةٍ وَنَحْوِهِ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ كِتَابٍ إلَى الْكُوفَةِ وَقَالَ: إنْ أَوَصَلْته يَوْمَ كَذَا فَلَكَ عِشْرُونَ وَإِنْ تَأَخَّرْت بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَلَكَ عَشَرَةٌ (لَمْ يَصِحَّ) وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ الْحَانُوتَ شَهْرًا إنْ قَعَدْتَ فِيهِ خَيَّاطًا فَبِخَمْسَةٍ أَوْ حَدَّادًا فَبِعَشَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِنْ أَكْرَى دَابَّةً (وَ) قَالَ لِمُسْتَأْجِرِهَا: (إنْ رَدَدْتهَا الدَّابَّةَ الْيَوْمَ فَبِخَمْسَةٍ وَ) إنْ رَدَدْتُهَا (غَدًا فَبِعَشَرَةٍ) صَحَّ نَصًّا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي. (أَوْ عَيَّنَا) أَيْ: الْعَاقِدَانِ (زَمَنًا وَأُجْرَةً) كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ (وَ) قَالَا: (مَا زَادَ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَذَا) كَدِرْهَمٍ (صَحَّ) نَصًّا وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ فِيمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ مَكَّةَ إلَى جُدَّةَ بِكَذَا فَإِنْ ذَهَبَ إلَى عَرَفَاتٍ فَبِكَذَا فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا فَصَحَّ كَمَا لَوْ اسْتَقَى لَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ. وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَكْتَرِيَ نَحْوَ دَابَّةٍ (لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ) لِجَهْلِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِمُدَّةِ سَفَرِهِ فِي تِجَارَةٍ؛ وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْغَزَاةِ قَدْ تَطُولُ وَتَقْصُرُ وَالْعَمَلُ فِيهَا يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَإِنْ تَسَلَّمَ الْمُؤَجَّرَةَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (فَلَوْ عُيِّنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (لِكُلِّ يَوْمٍ) شَيْءٌ مَعْلُومٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ (أَوْ) عُيِّنَ لِكُلِّ (شَهْرٍ شَيْءٌ) مَعْلُومٌ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مَعْلُومٌ مُدَّتُهُ وَأَجْرُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَهَا شَهْرًا كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَوْ سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ لِنَقْلِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ كَوْنَهَا لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَعْلُومٍ. (أَوْ اكْتَرَاهُ) يَسْقِي لَهُ (كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ) صَحَّ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ {جُعْتُ مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ بِدَارًا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُرِيدُ بَلَّهُ فَقَاطَعْتُهَا كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ فَعَدَدْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا فَعَدَّتْ لِي سِتَّةَ عَشَرَ تَمْرَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا} رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ نَحْوُهُ رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ الدَّلْوَ مَعْلُومٌ وَعِوَضُهُ مَعْلُومٌ فَجَازَ كَمَا لَوْ سَمَّى دِلَاءً مَعْرُوفَةً وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الدَّلْوِ وَالْبِئْرِ وَمَا يَسْقِي بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَخْتَلِفُ وَقَوْلُهُ " بِدَارًا " بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جِلْدُ السَّخْلَةِ. (أَوْ) اكْتَرَاهُ (عَلَى حَمْلِهِ زُبْرَةً إلَى مَحَلِّ كَذَا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَإِنْ زَادَتْ فَلِكُلِّ رِطْلٍ دِرْهَمٌ صَحَّ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَآجِرَيْنِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ (الْفَسْخُ أَوَّلُ كُلِّ يَوْمٍ) إذَا قَالَ: كُلُّ يَوْمٍ بِكَذَا (أَوْ) أَوَّلَ كُلِّ (شَهْرٍ) إذَا قَالَ: كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا (فِي الْحَالِ) أَيْ: فَوْرًا؛ لِأَنَّ تَمَهُّلَهُ دَلِيلُ رِضَاهُ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ فِيهِ. قَالَ الْمَجْدُ: فِي شَرْحِهِ وَكُلَّمَا دَخَلَا فِي شَهْرٍ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ فِيهِ فَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الشَّهْرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ انْتَهَى. وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَلْزَمُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الشُّرُوعَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاتِّفَاقِ يَجْرِي مَجْرَى الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ فَإِذَا تُرِكَ التَّلَبُّسُ بِهِ فَكَالْفَسْخِ. وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَوْ يَقُولُ: إذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ فَقَدْ فَسَخْتهَا انْتَهَى، وَتَقَدَّمَ يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ بِشَرْطٍ.
(كَوْنُ نَفْعٍ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (مُبَاحًا) مُطْلَقًا (بِلَا ضَرُورَةٍ) بِخِلَافِ جِلْدِ مَيْتَةٍ وَإِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ؛ لِعَدَمِ غَيْرِهِ (مَقْصُودًا) عُرْفًا بِخِلَافِ آنِيَةٍ لِتَجَمُّلٍ (مُتَقَوِّمًا) بِخِلَافِ نَحْوِ تُفَّاحٍ لِشَمٍّ (يُسْتَوْفَى) مِنْ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ (دُونَ) اسْتِهْلَاكِ (الْأَجْزَاءِ) بِخِلَافِ شَمْعٍ لِشَعْلٍ وَصَابُونٍ لِغَسْلٍ (مَقْدُورًا عَلَيْهِ) بِخِلَافِ دِيكٍ لِيُوقِظَهُ لِصَلَاةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَصِحُّ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ عَلَى فِعْلِ الدِّيكِ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مَعَهُ بِضَرْبٍ وَلَا غَيْرِهِ (لِمُسْتَأْجِرٍ). فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ مُؤَجَّرٍ (كَكِتَابِ) حَدِيثٍ أَوْ فِقْهٍ أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ أَوْ لُغَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ نَحْوِهِ (لِنَظَرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ نَقْلٍ) أَوْ بِهِ خَطٌّ حَسَنٌ يُكْتَبُ عَلَيْهِ وَيُتَمَثَّلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِذَلِكَ فَجَازَتْ إجَارَتُهُ و(لَا) تَجُوزُ إجَارَةُ (مُصْحَفٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (وَكَدَارٍ تُجْعَلُ مَسْجِدًا) يُصَلَّى فِيهِ (أَوْ تُسْكَنُ)؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ. (وَ) كَاسْتِئْجَارِ (حَائِطٍ لِحَمْلِ خَشَبٍ) مَعْلُومٍ وَبِئْرٍ يَسْتَقِي مِنْهَا أَيَّامًا مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُبَاحًا بِمُرُورِ الدَّلْوِ، وَالْمَاءُ يُؤْخَذُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ. (وَكَحَيَوَانٍ لِصَيْدٍ) كَفَهْدٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ (وَ) كَقِرْدٍ لِ (حِرَاسَةٍ) مُدَّةً مَعْلُومَةً فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا، وَتَجُوزُ إعَارَتُهُ لِذَلِكَ (سِوَى كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا (وك) اسْتِئْجَارِ (شَجَرٍ لِنَشْرٍ) عَلَيْهِ (أَوْ جُلُوسٍ بِظِلِّهِ)؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ كَالْحِبَالِ وَالْخَشَبِ وَكَمَا لَوْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً (وَ) كَاسْتِئْجَارِ (بَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ)؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُورَةٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا أَشْبَهَ رُكُوبَ الْبَعِيرِ وَكَثِيرُ مِنْ النَّاسِ مِنْ الْأَكْرَادِ وَغَيْرِهِمْ يَحْمِلُونَ عَلَى الْبَقَرِ وَيَرْكَبُونَهَا وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ يُحْرَثُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمَعْنَى خَلْقِهَا لِلْحَرْثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ مُعْظَمَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ كَمَا أَنَّ الْخَيْلَ خُلِقَتْ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَيُبَاحُ أَكْلُهَا وَاللُّؤْلُؤُ خُلِقَ لِلْحِلْيَةِ وَيُتَدَاوَى بِهِ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (غَنَمٍ لِدِيَاسِ زَرْعٍ) مَعْلُومٍ أَوْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (بَيْتٍ) مُعَيَّنٍ (فِي دَارٍ) مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ (وَلَوْ أُهْمِلَ) أَيْ: لَمْ يُذْكَرْ (اسْتِطْرَاقِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِطْرَاقٍ فَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ لِلتَّعَارُفِ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (آدَمِيٍّ لِقَوْدِ) أَعْمَى أَوْ مَرْكُوبٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ يُقْصَدُ وَكَذَا لِيَدُلَّ عَلَى طَرِيقٍ لِحَدِيثِ الْهِجْرَةِ وَلِيُلَازِمَ غَرِيمًا يَسْتَحِقُّ مُلَازَمَتَهُ نَصًّا. وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ غَيْرُ هَذَا أَعْجَبُ إلَيَّ وَلِيَنْسَخَ لَهُ كُتُبَ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ سِجِلَّاتٍ نَصًّا وَنَحْوَهَا، وَيُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ فَإِنْ قَدَّرَ بِالْعَمَلِ ذَكَرَ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ وَقَدْرَهَا، وَعَدَدَ السُّطُورِ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ، وَقَدْرَ الْحَوَاشِي وَدِقَّةَ الْقَلَمِ وَغِلَظَهُ. فَإِنْ عُرِفَ الْخَطُّ بِالْمُشَاهَدَةِ. جَازَ وَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطَهُ بِالصِّفَةِ ضَبَطَهُ، وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ الْأُجْرَةِ بِأَجْزَاءِ الْفَرْعِ أَوْ بِأَجْزَاءِ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى نَسْخِ الْأَصْلِ بِأَجْرٍ وَاحِدٍ جَازَ، وَيُعْفَى عَنْ خَطَأٍ يَسِيرٍ مُعْتَادٍ وَإِنْ أَسْرَفَ فِي الْغَلَطِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَيْسَ لَهُ مُحَادَثَةُ غَيْرِهِ حَالَ النَّسْخِ، وَلَا التَّشَاغُلُ بِمَا يَشْغَلُ سِرَّهُ وَيُوجِبُ غَلَطَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ تَحْدِيثُهُ وَشَغْلُهُ، وَكَذَا كُلُّ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَخْتَلُّ بِشُغْلِ السِّرِّ وَالْقَلْبِ. كَالْقَصَّارَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَنَحْوِهَا، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ شَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَنَحْوِهَا. لِصَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَفِي الْبِرْكَةِ احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ يَجُوزُ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (عَنْبَرٍ) وَصَنْدَلٍ وَنَحْوَ مِمَّا يَبْقَى (لِشَمٍّ) مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ كَالثَّوْبِ لِلُبْسٍ و(لَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) مِنْ الطِّيبِ (كَرَيَاحِينَ) لِتَلَفِهَا عَنْ قَرِيبٍ فَتُشْبِهُ الْمَطْعُومَاتِ. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (نَقْدٍ) أَيْ: دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (لِتَحَلٍّ وَوَزْنٍ) وَكَذَا مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَأَنْفٍ وَرَبْطِ سِنٍّ (فَقَطْ) مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْحُلِيِّ لِلتَّحَلِّي؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ يُسْتَوْفَى دُونَ الْأَجْزَاءِ (وَكَذَا مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ وَفُلُوسٌ لِيُعَايِرَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةُ نَقْدٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (إنْ أُطْلِقَتْ) أَيْ: لَمْ يُذْكَرْ التَّحَلِّي وَلَا الْوَزْنُ وَتَكُونُ قَرْضًا. لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي الِانْتِفَاعَ الْمُعْتَادَ بِالنَّقْدِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ بِأَعْيَانِهَا. فَإِذَا أُطْلِقَ الِانْتِفَاعُ حُمِلَ عَلَى الْمُعْتَادِ (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (عَلَى زِنًا أَوْ زَمْرٍ أَوْ غِنَاءٍ) وَنَوْحٍ وَنَسْخِ كُتُبِ بِدْعَةٍ وَشِعْرٍ مُحَرَّمٍ وَرَعْيِ خِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ فِي بَيْعٍ فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا فِي الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ. (أَوْ نَزْوِ فَحْلٍ) أَيْ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ فَحْلِ الضِّرَابِ. لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسَبِ الْفَحْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَاءُ الَّذِي يُخَلَّفُ مِنْهُ الْوَلَدُ وَهُوَ عَيْنٌ فَيُشْبِهُ إجَارَةَ الْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَا قِيمَةَ لَهُ. فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ جَازَ بَذْلُ الْكِرَاءِ وَلَيْسَ لِلْمُطْرِقِ أَخْذُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ أَطْرَقَ فَحْلَهُ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ وَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا فَجَازَتْ مُجَازَاتُهُ عَلَيْهِ. (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ (دَارٍ لِتُعْمَلَ كَنِيسَةً) أَوْ بِيعَةً أَوْ صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ (أَوْ بَيْتَ نَارٍ) لِتَعَبُّدِ الْمَجُوسِ (أَوْ لِبَيْعِ خَمْرٍ) أَوْ الْقِمَارِ وَنَحْوِهِ. سَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ عُلِمَ بِقَرِينَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فَلَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَإِجَارَةِ عَبْدِهِ لِلْفُجُورِ بِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ دَارًا وَأَرَادَ بَيْعَ الْخَمْرِ بِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ. (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ (لِحَمْلِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا) كَدِمَاءٍ مُحَرَّمَةٍ (لِأَكْلِهَا لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ) إلَيْهِ (أَوْ) لِحَمْلِ (خَمْرٍ لِشُرْبِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ)؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ فَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْمَيْتَةِ لِأَكْلِ مُضْطَرٍّ إلَيْهَا صَحَّتْ. (وَتَصِحُّ) إجَارَةٌ لِحَمْلِ مَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ (لِإِلْقَاءٍ وَإِرَاقَةٍ)؛ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا تَنْدَفِعُ بِدُونِ إبَاحَةِ الْإِجَارَةِ كَكَنْسِ الْكُنُفِ وَحَمْلِ النَّجَاسَاتِ لِتُلْقَى خَارِجَ الْبَلَدِ. وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِإِلْقَاءِ مَيْتَةٍ بِشَعْرٍ عَلَى جِلْدِهَا. إنْ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَمَنْ أَعْطَى صَيَّادًا أُجْرَةً لِيَصِيدَ لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ بِشَبَكَتِهِ قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (عَلَى طَيْرٍ لِسَمَاعِهِ) أَيْ: سَمَاعِ صَوْتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً وَلَا مَقْدُورَ عَلَى تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيحُ وَلَا يَصِيحُ. (وَتَصِحُّ) إجَارَةُ طَيْرٍ (لِصَيْدٍ) كَصَقْرٍ وَبَازٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مُتَقَوِّمٌ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (عَلَى تُفَّاحَةٍ لِشَمٍّ)؛ لِأَنَّ نَفْعَهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ؛ لِأَنَّ مَنْ غَصَبَ تُفَّاحًا فَشَمَّهُ وَرَدَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةُ شَمِّهِ. (أَوْ) عَلَى (شَمْعٍ لِتَجَمُّلٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) عَلَى شَمْعٍ ل (شَعْلٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَكْلٍ) أَوْ شَرَابٍ لِشُرْبٍ أَوْ صَابُونٍ لِغَسْلٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنِهَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَمْعًا لِيُشْعِلَ مِنْهُ مَا شَاءَ وَيَرُدَّ بَقِيَّتَهُ وَثَمَنَ الذَّاهِبِ وَأُجْرَةَ الْبَاقِي لَمْ يَصِحَّ. لِشُمُولِهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ فَيَلْزَمُ الْجَهْلُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدَانِ. (أَوْ) عَلَى (حَيَوَانٍ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (لِأَخْذِ لَبَنِهِ) أَوْ صُوفِهِ أَوْ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ النَّفْعُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْعَيْنُ، وَهِيَ لَا تُمَلَّكُ وَلَا تُسْتَحَقُّ بِإِجَارَةٍ وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الشَّمْعِ لِشَعْلِهِ وَالْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ (غَيْرِ ظِئْرٍ) أَيْ: آدَمِيَّةٍ مُرْضِعَةٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ: أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهَا عَمَلٌ مِنْ وَضْعِ الثَّدْيِ فِي فَمِ الْمُرْتَضِعِ وَنَحْوِهِ. (وَيَدْخُلُ نَفْعُ بِئْرٍ) فِي إجَارَةِ بِئْرٍ تَبَعًا (وَ) يَدْخُلُ (حِبْرُ نَاسِخٍ) تَبَعًا (وَ) يَدْخُلُ (خَيْطُ خَيَّاطٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةٍ تَبَعًا (وَ) يَدْخُلُ (كُحْلُ كَحَّالٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِكُحْلٍ تَبَعًا (وَ) يَدْخُلُ (مَرْهَمُ طَبِيبٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِمُدَاوَاةٍ تَبَعًا (وَ) يَدْخُلُ (صَبْغُ صَبَّاغٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِصَبْغِ ثَوْبٍ (وَنَحْوُهُ) كَدِبَاغِ دَبَّاغٍ تَبَعًا لِعَمَلِ الصَّانِعِ لَا أَصَالَةَ (فَلَوْ غَارَ مَاءُ بِئْرِ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ) لِمُسْتَأْجِرٍ؛ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ نَقَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي الْفُصُولِ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمَلَّكُ بِالْحِيَازَةِ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (فِي) جُزْءٍ (مُشَاعٍ) مِنْ عَيْنٍ تُمَلَّكُ قِسْمَتُهَا أَوَّلًا (مُفْرَدًا) عَنْ بَاقِي الْعَيْنِ (لِغَيْرِ شَرِيكِهِ) بِالْبَاقِي. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَّا بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَا وِلَايَةَ لِلْمُؤَجِّرِ عَلَى مَالِ شَرِيكِهِ أَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (فِي عَيْنٍ) وَاحِدَةٍ (لِعَدَدِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَهِيَ) أَيْ: الْعَيْنُ مِلْكٌ (لِوَاحِدٍ) بِأَنْ أَجَّرَ دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ إجَارَةَ الْمُشَاعِ (إلَّا فِي قَوْلٍ) وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ وَوَجْهٌ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ (الْمُنَقِّحُ): وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَابْنُ عَبْدِ الْهَادِي (وَهُوَ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ) أَيْ: عَمَلُ الْحُكَّامِ إلَى زَمَنِنَا. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَرِيكٌ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ أَجَّرَا مَعًا لِوَاحِدٍ صَحَّتْ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فَإِنْ أَقَالَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ وَبَقِيَ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ. (وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةٌ (فِي امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ بِلَا إذْنِهِ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِمَا اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) بِلَا بَيِّنَةٍ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا (إنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ) فِي بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا (مُؤَجَّرَةٌ قَبْلَ نِكَاحٍ) فِي حَقِّ زَوْجٍ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا تَدَّعِيهِ. (وَلَا) تَصِحُّ (عَلَى دَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا مُؤَجِّرٌ) كَاشْتِرَاءِ دَارِهِ لَهُ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ.
(وَالْإِجَارَةُ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا أَنْ تَقَعَ (عَلَى) مَنْفَعَةِ (عَيْنٍ) وَيَأْتِي أَنَّ لَهَا صُورَتَيْنِ إلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ الْعَيْنُ إمَّا مُعَيَّنَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ فِي الذِّمَّةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا شُرُوطٌ وَبَدَأَ بِشُرُوطِ الْمَوْصُوفَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ: (وَشَرْطُ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِ سَلَمٍ فِي مَوْصُوفَةٍ بِذِمَّةٍ)؛ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ فَإِنْ لَمْ تُوصَفْ بِمَا يَضْبِطُهَا أَدَّى إلَى التَّنَازُعِ فَإِنْ اُسْتُقْصِيَتْ صِفَاتُ السَّلَمِ كَانَ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ وَأَبْعَدَ مِنْ الْغَرَرِ. (وَإِنْ جَرَتْ) إجَارَةٌ عَلَى مَوْصُوفٍ بِذِمَّةٍ (بِلَفْظِ) سَلَمٍ كَ أَسْلَمْتُك هَذَا الدِّينَارَ فِي مَنْفَعَةِ عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا لِبِنَاءِ حَائِطٍ مَثَلًا وَقَبِلَ الْمُؤَجِّرُ (اُعْتُبِرَ قَبْضُ أُجْرَةٍ بِمَجْلِسِ) عَقْدٍ لِئَلَّا يَصِحَّ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (وَ) اُعْتُبِرَ (تَأْجِيلُ نَفْعٍ) إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ كَالسَّلَمِ فَدَلَّ أَنَّ السَّلَمَ يَكُونُ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ سَلَمٍ وَلَا سَلَفَ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ. ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ الْمُعَيَّنَةِ فَقَالَ: (وَ) شُرِطَ (فِي) إجَارَةُ عَيْنٍ (مُعَيَّنَةٍ) خَمْسَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا (صِحَّةُ بَيْعٍ) كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا (سِوَى وَقْفٍ) أَيْ: مَوْقُوفٍ (وَأُمِّ وَلَدٍ وَحُرٍّ وَحُرَّةٍ) فَتَصِحُّ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مَمْلُوكَةٌ، وَمَنَافِعُ الْحُرِّ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ أَشْبَهَ مَنَافِعَ الْقِنِّ (وَيَصْرِفُ) مُسْتَأْجِرُ أَجْنَبِيَّةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (بَصَرَهُ) عَنْهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ نَظَرِهِ إلَيْهَا وَخَلْوَتِهِ بِهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ (وَيُكْرَهُ اسْتِئْجَارُ أَصْلِهِ) كَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَوْا (لِخِدْمَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ وَالِدِيهِ بِالْحَبْسِ عَلَى خِدْمَتِهِ. (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ مِنْهَا وَ) عَلَى (حَضَانَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَعْقِدَهُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ فَصَحَّ مَعَهُ كَالْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا أَخْذُ الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ كَثَمَنِ مَالِهَا، وَاسْتِحْقَاقُهُ لِمَنْفَعَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ آخَرَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوَّلًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا. (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا) لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ فِي الذِّمَّةِ كَقِصَارَةِ ثَوْبٍ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ إلَى أَمَدٍ كَأَنْ يَبْنِيَ لَهُ شَهْرًا وَنَحْوِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ قَالَ فِي الْمُغْنِي: هَذَا مُطْلَقٌ فِي نَوْعَيْ الْإِجَارَةِ. وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا (لِخِدْمَتِهِ) نَصًّا؛ لِتَضَمُّنِهَا حَبْسَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَإِذْلَالَهُ لَهُ وَاسْتِخْدَامَهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بِخِلَافِ إجَارَتِهِ لِغَيْرِ الْخِدْمَةِ فَلَا تَتَضَمَّنُ إذْلَالَهُ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (مَعْرِفَتُهَا) أَيْ: الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْعَاقِدَيْنِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ كَالْمَبِيعِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ الْعَيْنِ وَصِفَاتِهَا. (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (قُدْرَةُ) مُؤَجِّرٍ (عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (كَمَبِيعٍ)؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَنَافِعَ أَشْبَهَتْ بَيْعَ الْأَعْيَانِ فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ آبِقٍ وَلَا شَارِدٍ وَلَا مَغْصُوبٍ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ (اشْتِمَالُهَا) أَيْ: الْعَيْنِ (عَلَى النَّفْعِ فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةٌ (فِي) بَهِيمَةٍ (زَمِنَةٍ لِحَمْلٍ وَلَا) أَرْضٍ (سَبِخَةٍ لِزَرْعٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ هَذِهِ الْعَيْنِ. (وَ) الْخَامِسُ (كَوْنُ مُؤَجِّرٍ يَمْلِكُهُ) أَيْ: النَّفْعَ بِمِلْكِ الْعَيْنِ أَوْ اسْتِئْجَارِهَا (أَوْ مَأْذُونًا لَهُ) بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ كَحَاكِمٍ يُؤَجِّرُ مَالًا نَحْوَ سَفِيهٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ وَقْفٍ لَا نَاظِرَ لَهُ أَوْ مِنْ قِبَلِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَنَاظِرٍ خَاصٍّ وَوَكِيلٍ فِي إجَارَةِ بَيْعِ مَنَافِعَ فَاشْتُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ كَبَيْعِ الْأَعْيَانِ (فَتَصِحُّ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لِغَيْرِ حُرٍّ) أَنْ يُؤَجِّرَهُ (لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ مُوجِبَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَالتَّسَلُّطُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، بِخِلَافِ مُسْتَأْجِرِ الْحُرِّ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ وَلِمُسْتَأْجِرِ عَيْنٍ أَنْ يُؤَجِّرَهَا. (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا)؛ لِأَنَّ قَبْضَهَا لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الضَّمَانُ إلَيْهِ فَلَا يَقِفُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (حَتَّى لِمُؤَجِّرِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ جَازَ مَعَ غَيْرِ الْعَاقِدِ جَازَ مَعَهُ كَالْبَيْعِ (وَلَوْ بِزِيَادَةٍ) عَلَى مَا أَجَّرَهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ بِرَأْسِ الْمَالِ فَجَازَ بِزِيَادَةٍ (مَا لَمْ تَكُنْ حِيلَةً كَعِينَةٍ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ نَقْدًا ثُمَّ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ مُؤَجَّلًا فَلَا يَصِحُّ حَسْمًا لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ. (وَ) تَصِحُّ إجَارَةُ عَيْنٍ (مِنْ مُسْتَعِيرٍ بِإِذْنِ مُعِيرٍ فِي مُدَّةٍ يُعَيِّنُهَا) الْمُسْتَعِيرُ لِلْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهَا لَجَازَ فَكَذَا إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَتَصِيرُ) الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ (أَمَانَةً) بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِصَيْرُورَتِهَا مُؤَجَّرَةً (وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا) أَيْ: الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُهَا وَمَالِكُ نَفْعِهَا وَانْفَسَخَتْ الْعَارِيَّةُ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهَا لِلُزُومِهَا. (وَ) تَصِحُّ إجَارَةٌ (فِي وَقْفِ مَنْ نَاظَرَهُ)، لِأَنَّهُ إمَّا مُسْتَحِقٌّ فَمَنَافِعُهُ لَهُ فَلَهُ إجَارَتُهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا فَبِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ كَالْوَلِيِّ يُؤَجِّرُ عَقَارَ مُوَلِّيهِ. (فَإِنْ مَاتَ مُسْتَحِقُّ) وَقْفٍ (أَجَّرَهُ وَهُوَ نَاظِرٌ بِشَرْطٍ) بِأَنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ لَهُ النَّظَرَ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَإِنْ أَجَّرَ الْمُسْتَحِقُّ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ (أَوْ لِكَوْنِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ (فِي وَجْهٍ) كَمَا لَوْ أَجَّرَ وَلِيٌّ مَالَ مُوَلِّيهِ أَوْ نَاظِرٌ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ زَالَتْ وِلَايَتُهُ. قَالَ (الْمُنَقِّحُ) فِي الْإِنْصَافِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ انْفَسَخَتْ، إنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَقِيلَ: لَا تَنْفَسِخُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ كَمِلْكِهِ (وَهُوَ أَشْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ) انْتَهَى. (وَكَذَا مُؤَجِّرُ إقْطَاعَهُ) إقْطَاعِ اسْتِغْلَالٍ (ثُمَّ يُقْطَعُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمُؤَجِّرِ فَلَا تَنْفَسِخُ فِي وَجْهٍ لِمَا تَقَدَّمَ (فَعَلَى هَذَا) الْوَجْهِ أَيْ: أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ (يَأْخُذ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ) الِاسْتِحْقَاقَ (حِصَّتَهُ مِنْ أُجْرَةٍ قَبَضَهَا مُؤَجِّرٌ مِنْ تَرِكَتِهِ) إنْ مَاتَ (أَوْ) يَأْخُذُهَا (مِنْهُ) أَيْ: الْمُؤَجِّرِ إنْ انْتَقَلَ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ حَيًّا كَمَنْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى ابْنَتِهِ مَا دَامَتْ عَزْبَاءَ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَعَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ أَجَّرَتْ الدَّارَ مُدَّةً وَتَعَجَّلَتْ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَيَأْخُذُ زَيْدٌ مِنْهَا مَا يُقَابِلُ اسْتِحْقَاقَهُ (وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ) الْأُجْرَةَ (فَ) الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ (مِنْ مُسْتَأْجِرٍ)؛ لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ مِنْهَا (وَعَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: الْوَجْهِ السَّابِقِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِانْتِقَالِ الِاسْتِحْقَاقِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ غَيْرِ الْمَشْرُوطِ: لَهُ النَّظَرُ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي التَّنْقِيحِ كَمَا سَبَقَ، يَنْتَزِعُ مَنْ آلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ أَوْ الْإِقْطَاعُ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. (وَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ) عَجَّلَ أُجْرَتَهُ (عَلَى وَرَثَةِ قَابِضٍ) مَاتَ (أَوْ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ حَيًّا، وَوَجْهُ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ إذَنْ: أَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَبِمَوْتِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَجَّرَ حَقَّهُ وَحَقَّ غَيْرِهِ فَصَحَّ فِي حَقِّهِ دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَ دَارَيْنِ: إحْدَاهُمَا لَهُ وَالْأُخْرَى لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ إذَا مَاتَ مُؤَجِّرُهُ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ فَلَا يَمْلِكُ مِنْهُ إلَّا مَا خَلَّفَهُ وَمَا تَصَرَّفَ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ، وَالْمَنَافِعُ الَّتِي أَجَّرَهَا قَدْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِجَارَةِ، فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ. وَالْبَطْنُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ يَمْلِكُونَهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ فَمَا حَدَثَ مِنْهَا بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُمْ. (وَإِنْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْعَامُّ) وَهُوَ الْحَاكِمُ، أَوْ مَنْ جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ ذَلِكَ (لِعَدَمِ) النَّاظِرِ (الْخَاصِّ) الَّذِي يُعَيِّنُهُ الْوَاقِفُ نَاظِرًا (أَوْ) أَجَّرَ النَّاظِرُ (الْخَاصُّ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ) بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) إجَارَتُهُ (بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهَا (قَوْلًا وَاحِدًا)؛ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ وَمَنْ يَلِي النَّظَرَ بَعْدَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ الْأَوَّلُ. (وَإِنْ أَجَّرَ سَيِّدٌ رَقِيقَهُ؛ أَوْ) أَجَّرَ (وَلِيَّ يَتِيمًا) مَحْجُورًا لَهُ (أَوْ) أَجَّرَ (مَالِهِ) أَيْ: مَالِ مَحْجُورِهِ كَدَارِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ بَهَائِمِهِ (ثُمَّ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (الْمَأْجُورُ أَوْ بَلَغَ) الْيَتِيمُ (وَرَشَدَ أَوْ مَاتَ) السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ (الْمُؤَجِّرُ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (أَوْ عُزِلَ) الْوَلِيُّ بِأَنْ أَقَامَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ. أَمَّا فِي السَّيِّدِ فَلِأَنَّهَا عَقْدٌ صَدَرَ مِنْهُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ فَلَا تَنْفَسِخُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ اُسْتُحِقَّتْ بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِبَدَلِهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَنَفَقَةُ الْعَتِيقِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ عَلَى مُعْتِقِهِ إلَّا إنْ شَرَطَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَعَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَلِأَنَّهُ عَقَدَ عَقْدًا لَازِمًا بِحَقِّ الْوِلَايَةِ فَلَا يَبْطُلُ بِزَوَالِ وِلَايَتِهِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أَوْ بَاعَ دَارِهِ (إلَّا إنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ (بُلُوغَهُ) أَيْ: الْيَتِيمِ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ كَانَ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَجَّرَهُ أَوْ أَجَّرَ دَارِهِ سَنَتَيْنِ فَتَنْفَسِخُ بِبُلُوغِهِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى صِحَّتِهَا عَلَى جَمِيعِ مَنَافِعِهِ طُولَ عُمْرِهِ وَإِلَى تَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ زَمَنِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَأْجُورِ (أَوْ) إلَّا إذَا عَلِمَ سَيِّدٌ (عِتْقَهُ) أَيْ: الرَّقِيقِ (فِي الْمُدَّةِ) أَيْ: الْإِجَارَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ آجَرَهُ سَنَتَيْنِ فَتَنْفَسِخُ بِعِتْقِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
|